أساطين الشعر
شاعر ثورة الشك..
الأمير المحروم.. عبدالله الفيصل!
علي المسعودي
يكذّب فيك كل الناس قلبي
وتسمع فيك كل الناس أذني
على أنّي أغالط فيك سمعي
وتبصر فيك غير الشك عيني
وما أنا بالمصدّق فيك قولا
ولكني شقيت بحسن ظني
تلك عواطف حارة من قصيدة "عواطف حائرة" للأمير الشاعر عبدالله الفيصل.. تلك المشاعر التي سكنت وجدان جيل فأصبحت جزءا من ذاكرته وتكوينه العاطفي، ولا يمكن لمن سمعها الا أن يستشهد بها في لحظة حلم أو حب أو خيبة.
ولعل أول ما يتبادر في ذهن قارئ الشاعر وصاحب السمو الملكي هو لقبه الذي اختاره لنفسه: "المحروم".. فلا بد من استدعاء سؤال فوري: كيف، ولماذا، ومم؟
ولعل في ذلك رسالة مهمة.. أن الجسد مهما ارتوى من خيرات الدنيا ونعيمها، فإن مطالب الروح في مكان آخر لايعترف بهذه الحسيات، فكما هناك جوع جسد، هناك أيضا جوع روح لاتعترف بمناصب الدنيا، ولايقنعها الا أن تكون النفس يانعة والروح مزهرة والقلب منتعشا بعواطف ومشاعر تبدأ منذ الطفولة، وتنمو في قبول المجتمع.
يقول صلاح لبكي في مقدمة ديوانه "وحي الحرمان":
حسبك منه أنه بلغ من الوحشة هذا المبلغ الذي جعله يهتف بشيء كثير من المرارة وبكثير من لطافة الفكر وعمق الشعور:
أرى الصبر أوشك ان ينفدا
وأوشكت في القرب أن أبعدا
انتهى ماقاله لبكي، ولا شك أن الابحار في شاعر "ثورة الشك" هو غوص في حالة انسانية فريدة وتجربة شعرية تستحق التأمل طويلا من كل النواحي الأدبية والانسانية.
يقول الامير الشاعر خال الفيصل عن شقيقه: عرفت أخي عبدالله الفيصل أميرا للأخلاق، شاعرا للجمال، رمزا للانسان، تشجعه النسمة العليلة ويطربه موج البحر. من بين ثنايا هذا الحب النابض بالحياة الراعف بالألم، وتحت ظلال هذه القصائد النابعة من حرمان فجر ينابيع النور. ويضيف: عبدالله الفيصل كبير في فنه، وفي خلقه، وكلما أراه أكثر يكبر في عيني وتمتد أمام ناظري.
ويكتب خالد الفيصل في كتاب تكريمي أصدرته عن الشاعر عبدالله الفيصل دار سعاد الصباح للنشر: عبدالله الفيصل امتلأت به ساحات الحجازن وتطاولت جبال نجد، وزهت زهرة الفن والأدب في الخليج، علمني كيف أتذوق جماله الرائع، وكيف أعرف أنه مداد الانسانية، وغناء القلوب، رأيت من خلال ديوانه أعمارا وسنينا ممتدة.
ولد الأمير الشاعر عام 1923 وانتقل إلى رحمة الله في مايو 2007 وبين التاريخين عمر من الأحلا والرؤى والارتحالات.. وكثير من وهج الحزن.
وقد عاش في كنف جده الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.. وتولى في عهده عدة مناصب قيادية مهمة.
التحق عبد الله الفيصل بإحدى المدارس الابتدائية في مكة المكرمة، وكان التعليم آنذاك في طوره الأول، فحصل على الشهادة الابتدائية التي كانت من أعلى الشهادات آنذاك في المملكة، ولم يكتف بشهادته المتواضعة فانكب على التحصيل والمطالعة، وكان ميله إلى الشعر واضحاً، فقرأ في الأدب والتاريخ والسياسة، ولكن الشعر كان أحب الفنون إلى نفسه، وقد قرأ للعديد من الشعراء من امثال طرفة بن العبد والنابغة الذبياني وامرؤ القيس وعنترة وعمر بن أبي ربيعة والمتنبي وإبراهيم ناجي وأحمد شوقي وعلي محمود طه وبدوي الجبل وعمر أبو ريشه. كما حصل على الدكتوراه الفخرية من جامعة رالي بولاية كارولاينا الجنوبية بالولايات المتحدة عام 2001
كتب الفيصل الشعر الفصيح والعامي واشتهرت له في كليهما قصائد وأبيات ترددت في انحاء الجزيرةن منها:
أنا بليت بحبكم من هبالي
والا انت ظل مالنا فيه مقيال
ومن قصائده المعروفة
لاتحاول كل شي انتهى
حبنا اللي فات لا يمكن يعود
حبك اللي كان في قلبي فها
ويش اسوي صاب عاطفتي برود
مالقى قلبي بقربك مااشتهى
ما لقيت الا المذلة والجحود
اشهد انك فقت جيلك بالبها
وان زينك طاغي ماله حدود
مير عيبك ياجذوان المها
ميت الاحساس ياوردي الخدود
وان عرضك لاهي به من لهى
وان عقلك ناقص مافيه زود
حبنا اللي فات لا يمكن يعود
حبك اللي كان في قلبي فها
ويش اسوي صاب عاطفتي برود
مالقى قلبي بقربك مااشتهى
ما لقيت الا المذلة والجحود
اشهد انك فقت جيلك بالبها
وان زينك طاغي ماله حدود
مير عيبك ياجذوان المها
ميت الاحساس ياوردي الخدود
وان عرضك لاهي به من لهى
وان عقلك ناقص مافيه زود
للشاعر دواوين مطبوعة وهي:
- وحي الحرمان صدر عام 1953م/1373هـ (قصائد فصحى) الطبعة الأولى
-حديث قلب، صدر عام 1980م/1400هـ (قصائد فصحى) ترجم إلى الإنجليزية والفرنسية والروسية
- مشاعري، صدر عام 1985م/1405هـ (قصائد شعبية)
وله أيضاً ديوان وحي الحروف، وديوان خريف العمر. كان شغوفا بكل أمسيات الشعر الموسمية وكان صالونه عامرا بالجلسات الشعرية والأدبية وكان مضيافا لعمالقة الفن والشعر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق